للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يطول، فإنهم كانوا يهتمون فقط بمضاعفة ثروتهم في أقرب وقت ممكن، وذلك على حساب الشعب، وهو أسلوب جائر يؤدي إلى إنزال الشعب إلى آخر دركة من دركات البؤس، أو إلى حمله على إشعال الثورات. عندما توفي علي، باي تونس الذي نصبه الجزائريون سنة ١٧٥٤، خلفه ابنه حمودة، وعلى الرغم من أن هذا الباي الجديد كان شابا، فقد برهن على أنه يحسن التدبير عندما اتبع بالتدقيق سياسة والده. ولقد إزدهرت تونس في عهده.

وبعد سنوات من توليه الحكم، وعندما لاحظ الفوضى المستولية على حكومة الجزائر والفساد المنتشر في بلاطها؛ رأى حمودة من واجبه أن يتحلل من المعاهدات المخزية التي ظلت تثقل كاهل بلاده منذ سنوات عديدة، وذلك للتلخص من سيطرة الجزائريين.

وفي سنة ١٨٠١ كنت عائدا من القسطنطينية صحبة خالي؛ فأرسينا بتونس وأقمنا فيها أسبوعا. وقد قام باي تونس المسمى يوسف خوجة وهو رجل فاضل بدعوتنا إلى بيته. وأثناء الحديث اشتكى بشدة من التجاوزات التي يقوم بها في تونس وكيل الجزائر ووكيل قسنطينة والرجال المحيطون بهما (٤) ولاحظ لنا بأنه يخشى أن تؤدي تلك التجاوزات وتهاون حكومة الجزائر وقلة مراعاتها لتونس إلى ثورة تشتعل حتما بسبب الخلاف الذي كان قائما بين الحكومتين.

وعلى الرغم من أن خالي كان في خدمة الدولة، فإنه وجد ملاحظاته عادلة


(٤) يقول الحاج مبارك في هذا الصدد: (فكانوا (الجزائريون) يغلظون على رعية تونس ويظلمونهم في طريقهم ... وكان أهل مخزن قسنطينة أهل غلظة وفظاظة لكون غالبهم من أهل البادية فلا يراعون حق السلطنة بل تحملهم غلظتهم على العنف ومجاوزة الحد).

<<  <   >  >>