الجموع المكونة من القبائل. ولكنه عندما وصل إلى ممر جبلي ضيق جدا، تعرضت له القبائل وصدته بنجاح؛ وقد كانت الطلقة الأولى موجهة إليه فأصابته. ثم هزم جيشه هزيمة نكراء بعد أن لاذ بالفرار. وسقط المعسكر، فتقاسم المنتصرون ما كان فيه من غنائم. وقد أسر، في تلك الظروف، كثير من الأتراك، مضى زمن طويل قبل أن يتمكنوا من الفرار أو من أن يطلق سراحهم.
وعندما تولى الحكم الحاج علي باشا (٨)، كانت مقاطعة قسنطينة في بؤس شديد، وكانت الزراعة تكاد تكون معدمة. وهذا الوضع هو عكس ما كان موجودا في غربي البلاد. ففي تلك الأثناء، أراد ذلك الباي أن بغزو تونس؛ وعين لرئاسة الجيش دالي، باي وهران، لا لأنه كان يعتمد على قوته، ولأن جيشه كان منظما كما ينبغي وعلى أحسن ما يرام فحسب، ولكن لأن ذلك الباي كان رجلا يعترف الجميع بكفاءته. ولكن، بما أن دالي باي كان يعرف جيدا مصدر الحقد الموجود بين الشعبين، وان التونسيين يفضلون الموت عن آخرهم بدلا من الاستسلام للجزائريين، وبما أنه كان يخشى، كذلك، أن تحدث الاضطرابات في مقاطعة وهران بعد أن يغادرها، فإنه رفض - لكل هذه الأسباب - قبول القيادة التي عرضت عليه.
ولم يكن الحاج علي باشا ليتفهم مثل هذه الأسباب، وعلى العكس، فقد ألح بشدة على أن يسير الباي ضد تونس واعدا إياه بأنه سيترك له كنوز تلك الإيالة، وبأنه سيحظى بشرف النصر. وليثير نعرته كتب إليه الداي قائلا: