وعلى الرغم من أننا ذكرنا بأن الأتراك كانوا قد قرروا أل يرفعوا واحدا من الكراغلة إلى رتبة باي، فإن الضرورة، وحب الحرية والاعتدال الذي يميز حسين داي قد جعلاه يعين الحاج أحمد على قسنطينة، وهو ما يزال، إلى يومنا هذا يشغل ذلك المنصب.
وقبل أن يكون بايا; كانت مقاطعته فقيرة؛ والأراضي مهملة إلى درجة أن السكان لم يكونوا قادرين على تسديد الضرائب القليلة التي لا تدفع، مع ذلك، إلا كل ثلاث سنوات.
وإنني أذكر، عندما قدم باي قسنطينة بنفسه إلى الجزائر، أن الباشا كان - لكي يخفي فقر تلك المقاطعة - قد أرسل له سرا ومسبقا مبلغا من المال ليتمكن، عند وصوله، من أن يحضر كما جرت العادة وبكيفية مشرفة.
وهكذا، إذن، فإن الحاج أحمد باي قد عين في قسنطينة لأجل كفاءته واستحقاقه، والدليل على ذلك أنه عرف كيف يبقى حتى بعد سقوط الحكومة التركية، كما أنه عرف كيف يكون لنفسه ثروات طائلة بفضل ارتباطاته مع مختلف القبائل. وسأعطي، حول ذلك، تفاصيل أكثر دقة عندما أتكلم، فيما بعد، عن الرحلتين اللتين قمت بهما إلى قسنطينة.
لقد بدأت تجاوزات الأتراك والفوضى الناتجة عن عزل البايات سنة ١٧٩١، واستمرت إلى غاية ١٨١٨ وهي السنة التي وصل فيها حسين باشا إلى الحكم.
وحسن باشا هو آخر داي تركي في الجزائر. وينتمي هذا الرجل الفاضل إلى أسرة كريمة، كما يتمتع بثقافة واسعة. وقد خدم الإيالة أكثر من ثلاثين سنة.