سلم لدوفال البرقية التي طلبها منه، فإن شيئا لم يتم من وعود القنصل وواصل الداي بدون جدوى إرسال برقيات أخرى إلى الحكومة الفرنسية مستعملا لذلك طرقا مختلفة وبالطبع، عال صبر الداي لعدم تلقيه أجوبة من الحكومة الفرنسية جاهلا أن هذه الأخيرة لم تطلع على أي واحد من مطالبه المختلفة.
لقد جرت العادة أن تقوم قناصل الدول الأوروبية المعتمدين لدى الجزائر بزيارة إكرام إلى الداي بمناسبة اليوم الأول من البيرم (٤)، وكان القنصل الإنكليزي والقنصل الفرنسي يتنافسان الصدارة في هذه المناسبات. ولذلك، ولتجنب كل مناقشة قرر الداي أنه يستقبل الواحد عشية الاحتفال والآخر في يوم العيد نفسه. وعلى هذا الأساس جاء السيد دوفال عشية عيد البيرم ليؤدي زيارته للداي بمحضر جميع أعضاء الديون. وكان هذا القنصل لا يجيد التركية إلا كما أتكلم أنا اللغة الفرنسيةء فلا يعرف معانيها ولا عبقريتها. وبعد الحفل، سأل الباشا القنصل لماذا لم تجبه حكومته عن برقياته العديدة الخاصة بمطالب بكري. فكان جواب السيد دوفال في منتهى الوقاحة إذ جاء كالآتي:
(إن حكومتي لا تتنازل لإجابة رجل مثلكم).
نستطيع لصالح السيد دوفال أن نقول بأن إجابته هذه كانت بسبب جهله للغة، لأن الفرنسي الأصيل لا يتلفظ بكلام بذىء مع إنسان عادي، ناهيك إذا كان ذلك الإنسان رئيس إيالة. ومما لا شك فيه أن الداي كان يمكن أن يعذر السيد دوفال لو وقع ذلك بمناسبة أخرى، ولكن هذه الكلمات، أمام ديوانه، قد مست كرامته إلى درجة أنه لم يتمالك نفسه من الغضب وضربه بالمروحة ضربة واحدة. (هذه المروحة مصنوعة من سعف النخيل). إن حسين باشا