ريفية كان يختفي فيها مع ثلاثة أو أربعة من خدمه. وبمجرد ما وجهت له الكلام علمت أنني لا أخاطب رجلا وإنما طفلا لما كان يبديه من ضعف وقنوط ويأس. ولذلك ضاعت كل محاولة مني لتحميسه ورأيتني مجبرا على الرجوع إلى الداي الذي قال لي عندما أعلمه بسيرة صهره وبالجهود التي بذلتها للعثور عليه:(إنكم ذهبتم يحدوكم الأمل، ورجعتم دون أن تنجح مساعيكم). عندئذ أجبته بأن الشعب ليس إلا قطيعا، ولا بد له من راع، وإن شعبكم بدون راع والعدو يتقدم.
كان الجيش بدون قائد، والقبائل يجهلون في أي مكان يختبىء. وعليه، لم يبق إلا تسليم المدينة للفرنسيين. لم يكن الباشا يعرف أن الآغا رعديد وكان يظن أن له مقدرة أكبر من التي أظهرها. ولذلك طلب مني أن أرجع إليه وأرغمه على العودة إلى معسكره. وفعلا تبعني رغم أنفه، وجمعنا ما أمكننا من الجنود الذين كانوا مجهزين ومستعدين، وعلى الرغم من أنني كنت على يقين - مسبقا - من أننا لن نتمكن من فك حصار المدينة والدفاع عنها، فإنني بذلت كل ما في وسعي لأداء هذه المهمة.
وعندما تحرك بورمون في سطاولي انهزم الآغا وجيشه لتوهما ولم يعرف أحد إلى أي مكان تم الانسحاب.
وفي هذه الحالة دعا الباشا المفتي (١١)(شيخ الإسلام)، فسلمه سيفا وطلب
(١١) في هذا الصدد يقول أحمد الجزائري: (وفي هذا الوقت (أي بعد هزيمة سطاولي) أمر حضرة الباشا بإحضاري لديه ليخبرني بما حصل لعساكر المسلمين من الهزيمة، فأخذت في تسلية خاطره ... فنهض حتى قام أمام المهزومين وأخذ يحثهم على القتال، ويحذرهم