بقدر المستطاع وبقدر إدراك هؤلاء السكان. انهم يعلمونهم الصلاة، ويهدونهم إلى المكارم الأخلاق، ومقابل ذلك يجنون الطاعة المطلقة المحفوفة بالاحترام، وتعتقد القبائل ان كل دعائهم مقبول عند الله الذي يؤمنون بقداسته وجلاله. وهكذا، فعلى سخط أو على بركة المرابط تتوقف سعادة القبائلي الخيالية. وكل من رغب في شيء، فإنه يقدم القرابين ويتوجه إلى المرابط لكي يأمل في تحقيق ما تمنى. أما الذي تلاحقه الشرور، وتعذبه الآلام، فإن إيمانه ناقص، وانه للمذنب الذي يعاقبه الإله.
ان اسم المرابط مشتق من كلمة ربط العربية التي تعني الالتزام والتعهد، أي أن المرابط يعامد الله على ألا يتصرف إلا لما فيه خير الإنسانية.
ولذلك. فحتى بعد موتهم، يبقى هؤلاء المرابطون محل توقير دائم.
وتدفن أجسامهم في قبر يحاط بتابوت يمكن أن يلجأ إليه كل مجرم.
وبالتالي، فإن المكان يصبح موقرا إلى درجة أن الابن لا يجرأ على اقتحامه لمطاردة قاتل أبيه. وهكذا فان المرابط، وهو ميت، قد يحظى باحترام يفوق الذي كان من الممكن أن يحظى به وهو حي. وهذه القبور كثيرة جدا في إيالة الجزائر، وقد احتل الجيش الفرنسي معظمها بعد الغزو. وترك هذا التدنيس أثرا سيئا في نفوس الطبقة الدنيا. وعلى الرغم من أن بعض أبناء هؤلاء المرابطين لم يتبعوا سلوك آبائهم، وأهملوا مبادئهم فإن الشعب ينظر إليهم باحترام ولا يدعوهم بأسمائهم وإنما يطلق عليهم اسم سيدي، متبوعا باسم الشهرة أفراد العائلة.
إن وجود هؤلاء المرابطين في المجتمع الأفريقي نعمة، إذ بمجرد ما لهم من نفوذ على هذه الشعوب يسكتون أسلحة الخصوم، ويمنعون إراقة الدماء. وإن سلظانهم على نفوس القبائل الجاهلة المحدودة النظر لعجيب. ويبدو أن