للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقع في عهد حسين باشا. إنني سأنقل حرفيا ما جرى أمامي في تلك الأثناء.

لقد اشتكى بعضهم، ذات يوم، للداي بأن القاضي لا يحكم بالعدل، وقيل له أنه أصدر حكما منافيا للقانون، لم يسبق لغيره من الفقهاء ورجال العدالة أن أوردوه. وبدلا من أن يعاقب المتهم دون الاستماع إليه؛ فإن حسين باشا، قد طلب من القاضي - في أدب - أن يحضر إلى بيته حيث كان قد جمع سائر رجال القانون، ثم دعاه إلى تقديم الأسباب التي دفعته إلى إصدار حكم ظالم، وأمر المفتي والفقهاء أن يتناقشوا معه في الموضوع وأن يطلبوا منه ذكر المادة التي جعلته يتخذ مثل ذلك القرار. ولما تلكأ القاضي في أجوبته، وثبتت الشكوى التي قدمت ضده، عزله الداي في حينه ونفاه إلى وهران دون أن يرسل معه رجال الدرك.

هذه مقارنة بين إدارة الإيالة والإدارة الفرنسية، ومع ذلك، فإن السيد دوبرمون يزعم أنه جاءنا ليقضي على التعسف، ويطبق القانون وفقا للعدالة والإنصاف. فلو أن هذه الأخطاء ارتكبها شخص آخر غير السيد دوبرمون لكان يمكن غفرانها. ولذلك صار كل واحد منا يقول: أين هم، إذا أولئك الفرنسيون المشهورون، تلامذة نابليون العظيم، أين هم أولئك الجنرالات المتصرفون، والمواطنون والقضاة النزهاء؟. ماذا فعلوا بعلمهم، ومقدرتهم وذكائهم؟

لقد احتجزت أسلحة الميليشيا وسكان المدينة. وجال في أذهاننا أن تلك الأسلحة ستوضع في مستودعات كوسيلة ضمان وأمن. ولكننا كنا نعتقد، كذلك، أن الفرنسيين سيصرفون مثل الروس عندما غزوا الإمبراطورية العثمانية، لقد قام هؤلاء الروس بجمع الأسلحة ثم جعلوا لكل قطعة بطاقة تحمل اسم صاحبها وأودعوا الكل في مسجد على أن تعاد لأصحابها في الوقت المناسب.

<<  <   >  >>