قرية تقع في سفح الجبل، معظم سكانها من الجبليين الذين تحضروا لتحسين أوضاعهم.
وعندما اقترب الجيش الفرنسي فروا إلى الجبال. وغادر الفرنسيون هذه المدينة بعد أن تركوا فيها حامية صغيرة تتكون من ٦٠٠ شخص فقط. وقد استعد الجبليون بمساعدة بعض سكان البليدة لمهاجمة تلك الحامية، ولولا أن الجنرال كلوزيل رجع بسرعة من المدية لأبادوها عن آخرها. ولما علم الجبليون برجوع الجيش تفرقوا ولاذوا بالفرار. وعندما قام الجنود الفرنسيون بأعمال وحشية في هذه المدينة وأحدثوا مجزرة رهيبة، لم ينج فيها رجال ولا نساء ولا أطفال. هناك من يذكر أنه تم تقطيع بعض الرضع على صدور أمهاتهم. ووقع النهب في كل مكان، ولم يستثن حتى الجزائريون الذين فرا إلى هذه المدينة لينجوا من ظلم الحكومة الفرنسية، وليجدوا وسائل تمكنهم من العيش (إنني أتكلم هنا بكل نزاهة، ولا أروي وقائع الأحداث إلا كما جرت). وهكذا، فإن عددا كبيرا ممن لم يكونوا يفكرون في خيانة الفرنسيين، ولا حتى في معاداتهم، قد وقع تقتيلهم في هذه الظروف! هل من العدل أن يكون الاحتداد أو الغضب في سبب مثل هذه الأعمال؟ وبهذه المناسبة أذكر الحادثة التالية: لقد اضطر المسمى محمد بن سفطة إلى المجيء إلى البليدة ليعيش فيها، وكانت مهنته كإسكافي لا تكفي لتوفير وسائل عيشه، وعيش امرأته وبناته الصغيرات الأربع. وقد كان يسكن دارا صغيرا، دخل إليها في أثناء الهجوم وأغلق الباب. إنه لم يملك أي نوع من أنواع السلاح، ولم يكن معه سوى الأدوات التي يشتغل بها. وعندما دق الجنود الباب خرج إليهم صحبة زوجته،