ولكن سرعان ما وجهت إليه طلقات عديدة أودته قتيلا، كما قتلت طفلة لها من العمر عامان، أما زوجته فقد كسرت ذراعها، ونهبت الدار كلها. ولما بقيت الزوجة المسكينة بدون مورد بعد أن كسرت ذراعها وأصبح عليها أن تعول ثلاث بنات، توجهت إلى القائد الأعلى، ولكن شفقته لم تزد على أنه أركبها بغلة دون أن يضمد جرحها الذي ظل يدمي طيلة الطريق.
إنه ليؤلمنا كثيرا أن نذكر هذه التفاصيل! لأن المؤرخ أيضا، إنسان، وهو مجبر على أن يتوقف عن التفكير وعن المتابة ليتحسر على بعض أفعال الناس. ومع الأسف، فما هو العلاج لكل هذه الشرور؟ إن شياطين السوء تظهر في كل العصور، تحر وراءها أنواعا من الآفات. والملوك - في كل عهد - مجبرون على مشاهدة تلك المعارك، يدوسون الجثث بأقدامهم ويسمعون صيحات الألم ... ويرون، أخيرا، جميع ويلات النهب والموت!!! إن هذه المرأة قد أصبحت تتسول بعد هذا الحادث. وغيرها من السكان كثيرون. ولقد كنا فيما مضى، نستطيع إعانتهم لأننا كنا نملك مؤسسات خيرية. أما الآن فإن تلك المؤسسات كلها أصبحت في أيدي السلطات الفرنسية التي توزع من حين لآخر بعض الصدقات ... فيعطى لكل فقير في كل أسبوع (سوردي) أو اثنين في بعض الأحيان.
يأتي هؤلاء البؤساء بالآلاف، فيتنازعون ويتضاربون على تلك المعونة البسيطة. روفي أثناء التوزيع تنسد الطرقات. إن مثل هذه المساعدة وهذا التوزيع القليل لا يحققان الهدف المنشود، ولا يكفيان لسد حاجات مثل ذلك العدد من المعوزين. ولكن المدير لا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك. ومن جهة أخرى، فإن نصف المبالغ المخصصة لهذا النوع من الإعانات يعطى