وقع تغيير وجهة تلك الأوقاف، وحصل انتهاك حقوق الإنسان. إن هذه الإجراءات لظالمة، ولا أخلاقية. إنها تدخل اليأس على سكان الإيالة، وتجعلهم يكرهون سائر الأوروبيين بوجه عام، ويعتبرون كل من يحمل قبعة مسيحيا. وبالتالي عدوا لشعوب أفريقيا.
أعود إلى ملاحظاتي عن المؤسسات الخيرية فأقول: أن من كان يريد أن يهب شيئا بعد وفاته، يتوجه إلى ما يسمى بالمحكمة الحنفية، غير أن هذه المحكمة قد ألغيت من طرف الجنرال ملوزيل، والمالكيون أنفسهم، فإنهم كانوا يحيلون عقودهم على تلك المحكمة لتشجيع الواهبين ومساعدتهم، ولمضاعفة موارد الطبقة المعوزة. هذه هي الأسباب التي أدت إلى ضرورة إبقاء محكمتين وقاضيين، وكل محكمة لا تقرر إلا بعد أن يبحث الفقهاء شروط العقد. ويكون هؤلاء الفقهاء من المدرسة التي ينتمي إليها القاضي، وذلك لكي لا يقع غموض عند الناس.
غير أن هناك حالات يتحتم فيها على المحكمتين، المالكية والحنفية، أن تتفقا وتقررا في أتجاه المبدأ الأساسي.
وإذا كان رب أسرة قد قدم هبة، تنتقل، بعد وفاته، حسب المذهب الحنفي، إلى إحدى المؤسسات الخيرية، وكانت أسرته نفسها معوزة، فإن الهبة تلغى وينظر اليها بحسب المبادىء المشروحة أعلاه والتي تقول:(حاولوا أن تقطعوا جذور الشر قبل البحث عن الخير). وليس من العدل في شيء أن نساعد الأجانب على حساب أفراد الأسرة المحتاجة.
وإذا كان الواهب غنيا، ثم هلك ولم يترك وارثا، فإن تركته تعود