هذا الذي يحكم الجزائر اليوم (٢)، إلا أنه يجب أن نستثني الجنرال بارتوزين.
إن الجزائريين صريحون وصادقون، لا يعرفون الحقد والبغضاء، وهم كرماء في أعمالهم، يحترمون الجيران كما لو كانوا أقرباء. وعلى الرغم من أن النساء عند المسلمين يحجبن عن الرجال الأباعد، فإن الأسر التي تنتمي إلى الطبقة الفقيرة والتي لا تستطيع أن تسكن وحدها، تجتمع في دار مشتركة على أن يخصص مسكن لكل عائلة، ويبقى الرجال في معزل عن النساء.
إن الهندسة المعمارية الشرقية وتقسيم المنازل المحيل يختلفان كل الاختلاف، عما تعود عليه أهل فرنسا - وعلى العموم، فإن الأمن يسود المدينة، وليس في استطاعة الرجال، حتى ولو كانوا أشرارا، أن ينالوا من التقاليد لأن ذلك يكون بهتانا وتدنيسا. وإذا كانت هذه هي الخاصية العامة، فإن هناك بعض الاستثناءات، وهناك، أيضا، أشخاص لهم نوع من الفلسفة يخيل إليهم أنها متصلة بالدين، ومفادها أنهم يبذرون أموالهم دون التفكير في المستقبل. غير أن الدين أو القانون لا يتدخلان في مثل هذه الأمور. وإنما يحث الدين على اكتساب المال الحلال وعلى عمل الخير بقدر المستطاع. وبما أن عمل الخير لا يتأتى إلا بالثروة ; فإنه يحث، بالتالي، على النشاط والحركة.
ويوجد لدى الجزائريين من المحاسن ما يجلب الانتباه، إنهم أوفياء لا يعرفون سرقة ولا خيانة ولا قتلا ولا أي نوع من أنواع الجريمة. وعلى العموم فهم رجال شرف لا يخلون بعهودهم أبدا. وعلى الرغم من أنهم بنو وطني،
(٢) هو المارشال كلوزيل الذي سيجد القارىء، عنه كلاما وافيا في عدة فصول من الكتاب الثاني.