للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت السلطة القضائية تشمل على محكمتين، ومكونة من قاضيين ومفتيين أحدهما مالكي والآخر حنفي. سأشرح فيما بعد الفارق بين هاتين الوظيفتين، الحنفي وهو الذي يتولى الرئاسة لأن الباب العالي هو الذي يعين رئيس الدولة، والباب العالي حنفي، وقصره يعتبر محكمة عليا. وتنظر هذه السلطة التشريعية في القضايا الإجرامية والتأديبية والجنائية، والمدنية والحكومية، وتنظر كذلك في الخلافات التي قد تقع بين رئيس الدولة وأي شخص أخر.

وهذه المحاكم مستقلة عن السلطان، وحكمها لا رجعة فيه.

وأخيرا سلطة السيادة، التي بالإضافة إلى سهرها على تنفيذ الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية، والتشريعية، وفقا للمبادىء الأساسية التي يقوم عليها قانوننا ومؤسساتنا والتي تكاد تكون، من سوء الحظ، مجهولة في أوروبا يعهد لها بجمع المدخولات العمومية وإدارتها التي تشتمل على الأغنياء بالمؤسسات والمحاكم ودفع أجور موظفي الدولة، ومساعدة الفقراء والأرامل والأيتام الذين يتحتم على الدولة أن تسهر على مصلحهم بقطع النظر عن معتقداتهم، وأخيرا المحافظة على الحصون والجسور والطرقات والغابات، الخ ...

وإن باب الحكومة في قانوننا ليكلف العاهل بالسهر على العائدات العمومية المأتية من الفلاحة كما سأشرح ذلك فيما بعد.

هكذا نشأت إيالة الجزائر. وشرح الأهالي إلى هذا العاهل طبائع الشعب البربري، وبينوا له نقطة الضعف فيه، أي أنهم نصحوه بأن يمنح المرابطين ثقة مطلقة لأن ذلك يمنع الجميع من أن يقفوا موقفا معارضا خاصة وأن هؤلاء السكان لن يتددوا في قتل أصدقائهم وحتى أقاربهم إذا علموا أنهم يحتقرون المرابطين، أحياء كانوا أم أمواتا. ومن ذلك الحين لم يكتف الأتراك بأن

<<  <   >  >>