للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بواسطة إشراكهم في النشاط البحري حيث كانوا يحاربون بشجاعة وإقدام موقنين بأنهم إنما يستشهدون في سبيل الدين.

ومن بين هؤلاء القبائل رجال أذكياء يتكيفون مع الحياة البحرية. وهناك أمثلة رائعة عن استعداداتهم الطبيعية (٨)، ومنخم من يستولون على السفينة بعد رحلتهم الأولى وهم يجهلون مبادىء الملاحة الأولية، وبما أنهم يعرفون الجبال وقممها معرفة جيدة، فقد كانوا يتمكنون من التمييز، بدقة بين نقطة وأخرى. وعلى أثر الترقيات، فإنهم ينتقلون من درجة نوتي إلى رتبة ربان. وعندما يتخلون عن المهنة، يأتون إلى مدينة الجزائر حيث يغيرون أوضاعهم وأنماط حياتهم وينتقلون من البساطة إلى البذخ. وعندئذ، يتركون جبالهم إلى الأبد ليستقروا في المدينة. وسرعان ما يتبنون عادات المدنيين وطبائعهم. وعندما يلاحظ العربي أو البدوي، هذا التغيير في وضعه يزداد ارتباطا بالأتراك الذين تصبح مصالحهم هي نفس مصالحه.

وعلى أثر الغزو الفرنسي تعرض القبائل أو البدوي إلى جميع أنواع الاضطهاد فصاروا ولا زالوا يتمنون الحكم التركي الذي كان يمكنهم الاستفادة من منافع كثيرة حرموا منها الآن، ولكن كانت خيبتهم كبيرة عندما اطلعوا على حقيقة محاسن الحضارة والحرية الفرنسيتين.


(٨) لقد اشتهر من الجزائريين رياس كثيرون كانت لهم سمعة عالمية ولكن أهمهم، والذي دوخ أساطيل أوروبا وأمريكا هو الريس حميدو الذي توفي سنة ١٨١٥ أثناء معركة مع أحد الأساطيل الأمريكية. ولقد ترجمنا كتابا خاصا به ونشرناه في جريدة المجاهد الأسبوعية (أنظر الأعداد الصادرة في شهري جوليت وأوت).

<<  <   >  >>