بالعدل وبتطبيق النظام السياسي الذي انتهيت الآن من وصفه. ومكانتي في مدينة الجزائر هي التي مكنتني من أن أقدم هذه التفاصيل بدقة. لقد كان والدي مشرفا وأستاذا بالقانون، كما أنه اشتغل مقطجي أو كاتبا أول، وهو الذي علمني نظام الحكم التركي، وفي عهده درست شريعتنا ثم اشتغلت بالتدريس بعد وفاته.
وفي أثناء رحلتي إلى أوروبا، درست مبادىء الحرية الأوروبية التي تشكل أساس الحكم التمثيلي والجمهوري، ووجدت أن هذه المبادىء كانت تشبه المبادىء الأساسية لشريعتنا إذا استثنينا فارقا بسيطا في التطبيق، وعليه فكل من يدرك الشريعتين إدراكا صحيحا يستطيع الموافقة بينهما وأعتقد أنه لن يتمكن من إنكار هذه الحقيقة. وهناك أحد المبادىء الأساسية في شريعتنا يقول:(تترتب عن الزمن وحاجات الإنسان ظروف لم تتوقعها القوانين، ولذلك يجب على المشرع أن يتفهم الضرورات ويعمل على إيجاد كيفية حكيمة لتطبيق هذه القوانين). لكن من سوء الحظ أن سائر الملوك يجهلون مبادىء هذه القوانين، مما تجعل أوروبا تنتقد تشريع الشرق.
ولو أن السادة المتحررين كانوا يعرفون مبادىء قوانيننا معرفة جيدة ويدركون مدى الحرية التي تتسم بها مؤسساتنا، لكان من الممكن أن نجد فيهم مساعدين بدلا من أعداء كما هو الشأن الآن.
سأقدم، فيما بعد بسطة عن شريعتنا وعن قواعدها الأساسية. وعلى الرغم من أنه ليس من اختصاص هذا الكتاب أن يعالج هذه المبادىء، وما دمت أتكلم عن تاريخ الإيالة. ونظام حكومة الأتراك وعن السياسة التي سلكوها للبقاء مدم طويلة، فإنني أرى من المستحسن بل من الضروري أن