قال ابن سيد الناس: إن التحسين أقل مراتبه لثقة رواته ووجود الشواهد له من خارج، قال الحافظ: وأما قول ابن الرفعة فى أواخر شروط الصلاة: إن أفلت متروك فمردود لأنه لم يقله أحد من أئمة الحديث، وأما ما رواه سعيد بن منصور فى سننه قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن سعد عن زيد بن اسم عن عطاء بن يسار قال: (رأيت رجالًا من أصحاب النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- يجلسون فى المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة) وكذلك ما راوه حنبل بن إسحاق صاحب أحمد قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: (كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتحدثون فى المسجد وهم على غير وضوء وكان الرجل يكون جنبًا فيتوضأ ثم يدخل المسجد فيتحدث) فإنا فى كلا الإسنادين مقالا لأن فيهما هشام ابن سعد وقد قال أبو حاتم: إنه لا يحتج به، وضعفه ابن معين وأحمد والنسائى، فقد ثبت أن الجنب والحائض ممنوعان من المكث فى المسجد، أما المجتاز فى المسجد إما للخروج منه أو للدخول فيه مثل أن يكون قد نام فى المسجد فأجنب فيجب الخروج منه، أو يكون الماء فى المسجد فيدخل إليه، أو يكون طريقه عليه فيمر فيه من غير إقامة، فهذا كله جائز، ولا يمكث فى المسجد ابدًا، وقد روى سعيد بن منصور فى سننه عن جابر قال:(كان أحدنا يمر فى المسجد جنبًا مجتازًا) ويدل لهذا قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} إذ المراد بالصلاة موضع الصلاة وهو المسجد كما قال تعالى {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} والمراد بالصلوات مواضعها، وعليه فالمعنى: ولا تقربوا المسجد وأنتم جنب إلا مجتازين فيه، وهذا أولى من تأويل (عابرى سبيل) بالمسافرين، ويدل على صحة