للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحلقة الثانية]

بسم اللَّه الرحمن الرحيم أيها الإِخوة المؤمنون السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. أما بعد:

فإن اللَّه تبارك وتعالى قد لفت انتباه الناس فى ثنايا ذكره لحِكَم الحج وأحكامه إلى أن إخلاص العبادة للَّه وإقامة سوق ذكره وشكره هى من أهم مقاصد الحج وفى ذلك يقول: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا}، ثم يقول فى نفس المقام بعد أن ذكر بعض مقاصد الحج وأحكامه: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} ثم يصف خطورة الشرك، والعاقبة السيئة التى يؤول إليها المشرك، والحالة البشعة التى يتمثلها حيث يقول: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} ثم يثنى على المخلصين له المعظمين لأمره، القائمين بحدوده، فيقول: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ثم يختم ما ذكره عن الحج فى سورة الحج ببيان أن منافع العبادة تعود على العباد لأن اللَّه غنى عن العالمين فيقول: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} أى إن اللَّه تبارك وتعالى أمركم بهذه الشرائع ومنها ذبح الهدى ولن يرتفع إلى اللَّه شئ من لحومها ودمائها فهو الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وإنما ترتفع إليه أعمالكم الصالحة فيجزيكم عليها أحسن الجزاء وأعظم الأجر. ولذلك كذلك كان الإهلال بالتوحيد عند الدخول فى النسك هو أبرز مظاهر الحج فى هذا المقام حيث يلبى فيقول: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" ففى هذه التلبية إعلان الاستجابة للَّه،

<<  <  ج: ص:  >  >>