معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنهم ليغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم. . ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه. . ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم) (١)
خامسًا: لم يقل أحد من السلف إن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كانوا معصومين، أو أن كل فعل صدر منهم فهو حجة ودليل معتبر، وحينئذٍ فأي خطأ أو اجتهاد صدر من بعضهم مما يخالف فيه الدليل فإن المسلم بداهة سيأخذ الدليل، وحينها فلا معنى للخوض في تفاصيل هذه الأخطاء وإثارة الحديث فيها مرة بعد مرة بمناسبة وبغير مناسبة، إلا شحن النفوس بالغل والضغينة عليهم، ولهذا تجد في القرآن من دعاء المؤمنين {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا}[الحشر: ١٠] فكثير من النقد الموجه لهم هو من قبيل الغلِّ ومرض القلب فحسب، وإلا فأي فائدة من الحديث عن أحدٍ من صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأجل الطعن فيه وذمه وعيبه؟ وما الفائدة من إثارة تاريخه ومواقفه وخطبه بمناسبة وبغير مناسبة، بلا تحقيق فيها ولا تدقيق، إلا أن يمتلئ قلب المسلم غلًا وحنقًا على صحابي لقي ربه من قرون طويلة؟
وربما قال بعضهم هنا: إن هذا الموقف من قبيل تقديس الأشخاص دون تقديس المبادئ، وهذا غلط بني على سوء تصور للموضوع، فلم يقل أحد بتصويب كل ما