للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصوص في هذا عن الصحابة أكثر من أن تحصر، وهو شيء يختلف تمامًا عند الجابري، لهذا يأتي الجابري إلى النصوص القطعية التي جاءت بها الشريعة والتي هي من أصول المصالح المعتبرة فيحرفها ويؤولها بسبب أنها مخالفة لرؤيته في المصلحة المنطلقة من رؤية مختلفة، كموقفة مثلًا من حد السرقة وهو نص قطعي لا يحتمل الخلاف ولا التأويل، ومع ذلك فمن تطبيق الشريعة في نظر الجابري أن لا يطبق هذا الحكم، ويتم التخلص من قطعية الحكم بطرائق مختلفة كالبحث عن سبب تاريخي معين يجعل الحكم مرتبطًا به، وهو:

(تدبير كان معمولًا به في الجاهلية لعدم وجود سجون ولا سلطة تعتقل السارق، لقد كان العقاب البدني هو الوسيلة الزجرية الوحيدة التي تعاقب السارق) (١) ومارس أمثال هذا التأويل مع ما ترفضه الثقافة الغربية من أحكام ميراث المرأة وحد الردة وتعدد الزوجات والطلاق. (٢)

ولو أن الثقافة الغربية المعاصرة تتقبل مثل هذا الأحكام لقبلته هذه النفوس ولما بحثت عن أسباب تاريخية مفتعلة للتخلص منه!

الخلل الثالث: أنه لا ينطلق من مقاصد الشريعة وأصولها للحكم على المصالح المعاصرة، وإنما يريدنا أن نخلق مقاصد للشريعة من خلال هذه المصالح:

(وهكذا عندما ننجح في جعل ضروريات عصرنا جزءًا من مقاصد شريعتنا فإننا سنكون قد عملنا ليس فقط على فتح باب الاجتهاد في وقائع عصرنا المتجددة المتطورة بل سنكون أيضًا قد بدأنا العمل في تأصيل أصول شريعتنا نفسها بصورة


(١) الديمقراطية وحقوق الإنسان، ١٨٤.
(٢) انظر: الديمقراطية وحقوق الإنسان، ١٧٩ و ١٨٣ و ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>