هذه خلاصة نظرية "القرافي" في التصرفات النبوية (١).
وأما في عصرنا الحاضر فقد فُهم القرافي من عددٍ من المعاصرين بشكل مختلف تمامًا، وأصبح رأي "القرافي" يتكرر في بعض الدراسات السياسية بتفسير لا يمت لتنظير القرافي بأي صلة.
ماذا فهم بعض المعاصرين من نطرية "القرافي"؟
يقولون: إن أفعال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقواله الواردة في باب الحكم الدستوري والسياسي ليست ملزمة، بل هي أمور فعلها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باعتباره إمامًا، وبما يحقق المصلحة المقصودة في ذلك الزمان، ولهذا فالأئمة من بعده يجتهدون في بناء الأحكام السياسية بحسب المصلحة التي بنى عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تلك الأحكام التي ليست ملزمة لهم كأحكام العبادات والمعاملات والمقدرات التي جاء فيها نصوص ملزمة لعموم الناس.
هذه خلاصة تلك الآراء.
فهل هذا هو كلام "القرافي"؟
بالتأكيد: لا.
إذن، أين الخلل؟
الخلل دخل عليهم من وقوعهم في خطأين اثنين:
الخطأ الأول: عملية النقل الخطيرة التي مارسوها على كلام القرافي؛ فهو يتحدث عن تصرفات محددة من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فجعلوه يقصد كل الأحكام السياسية؟
(١) انظر: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للقرافي، ٤٥ - ٤٩.