للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلحة التي يعرفها أو يريدها؛ فالأحكام التي يفترق فيها الرجل عن المرأة في الشريعة متوقِّفة عند العقل الذي يرى المصلحة في (المساواة)، والأمر بالأحكام الشرعية والإلزام بها وإقامة الحدود عليها متوقِّفة عند العقل الذي يرى المصلحة في (الحريات)، والنصوص الشرعية في الإيمان بأسماء اللَّه وصفاته متوقفة عند العقل الذي يرى (التأويل أو التفويض)، والإيمان بصحيح سنَّة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- متوقِّف عند العقل الذي يرى المصلحة في (الاكتفاء) بالقرآن أو بالمتواتر من السنَّة أو بإخراج السنَّة عن دائرة التأثير في العقائد أو التشريعات.

وهكذا يدخل (العقل) وتأتي (المصلحة) لتسحب جزءًا من الشريعة عن الإيمان والتسليم، وإن كان هذا الجزء لدى كثير منهم هو قليل بالنسبة لما يؤمنون به من الشريعة إلا أنَّ هذا الجزء لا يدرى ما حدُّه وما ضابطه؟ فكلُّ جزء من الشريعة هو قابل لأن يقر أو يرفض، وما تؤمن به الطائفة الفلانية فمن الممكن أن تنكره الطائفة الأخرى بسبب العقل والمصلحة، وكلُّ ما يؤمنون به مما يعتقدون أنه موافق للعقل والمصلحة يمكن أن ينكَر عند آخرين لمخالفته للعقل والمصلحة.

إن المسلم حين يؤمن بأن الإِسلام هو دين اللَّه الذي أنزله على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنَّ أحكامه وشرائعه هي ما يريده اللَّه ويرضاه، فإنَّ واجب التسليم للَّه أن ينقاد لأمر اللَّه وأمر رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- حين يصح عنه؛ فيؤمن بأن ما جاءت به الشريعة هو من أعظم المصالح وأكمل ما تهتدي إليه العقول، وكلُّ التجارب التي عارضت النصوص بدعوى المصلحة أو العقل لا يطول عليها الزمان حتى تكشف الدلائل والبراهين عن أحقية النص الشرعي بالعقل والمصلحة الذي قد غاب عن مدارك الكثيرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>