وإن كان مستحقا كما هو مذهب أبي حنيفة , ولا كذلك سائر البلدان.
قلت: وهذا لا يزيل الإشكال. وفيه تنزيل الحديث على خلاف مذهبنا , وإنما وجه الخصوصية أن الكفار , أو البغاة لو تحصنوا بغيرها جاز قتالهم على أي وجه وبكل شيء ولو تحصنوا بها لم يجز قتالهم بما يعم كالمنجنيق وغيره. وقد نص الشافعي في الأم على هذا كما سيأتي.
التاسع والأربعون:
ذهب جماعة من العلماء إلى تحريم قتال البغاة فيه. بل يضيق عليهم إلى أن يخرجوا أو يفيئوا. واختاره القفال من أصحابنا وعد من جملة ما يخص النبي صلى الله عليه وسلم: جواز القتال له في حرم مكة , ولكن الصحيح من المذهب المنصوص الجواز , وعبارة القفال في شرح التلخيص عند ذكره الخصائص في باب النكاح: لا يجوز القتال بمكة حتى لو تحصن جماعة من الكفار بها لم يجز لنا قتالهم فيها: قال النووي: وهو غلط.
وقال الماوردي في الأحكام السلطانية: من خصائص الحرم , ألا يحارب أهله , وإن بغوا على أهل العدل. فقال بعض الفقهاء: يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا إلى الطاعة ويدخلوا في أحكام أهل العدل. قال: وقال جمهور الفقهاء: يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن ردهم عن البغي إلا بالقتال , لأن قتال البغاة من حقوق الله تعالى التي لا يجوز إضاعتها فحفظها في الحرم أولى من إضاعتها انتهى. وما نقله عن الجمهور نص عليه الشافعي في كتاب اختلاف الحديث. وفي سير الواقدي من الأم , وأجاب عن الأحاديث الواردة في تحريم القتال كحديث أبي شريح