بمجرد الاستيلاء على قول: وأما إذا أذن بالصلاة في ملكه فلا يصير وقفا بمجرد هذا خلافا لأب حنيفة لنا أن العتق أسرع نفوذا من الوقف، ولا يصح إلا باللفظ المقتضي له، فإن قيل: فقد بني رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده، ولم ينقل عنه أنه تلفظ بوقفه، وقال: من بني لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بني الله له بيتا في الجنة، أناط ذلك بالبناء دون اللفظ فالجواب – أن عدم نقل التلفظ بالوقف لا يدل على عدم اعتباره، وقد قام الدليل على اعتباره فوجب المصير إليه، وإنما خرجت الصورة التي ذكرها الماوردي عن القاعدة، لأن البقعة لم تدخل في ملكه ثم زالت والكلام في وقف يتضمن إزالة الملك، وإنما حصل الإحياء للمسجد ابتداء.
الرابع عشر بعد المائة:
لو قال: جعلت هذه البقعة مسجدا ففي الوجيز أنها تصير مسجدا وإن لم يأت بلفظ الوقف والمنقول عن القاضي والبغوي والمتولي والخوارزمي، أنها لا تصير مسجدا بذلك لأنه لم يوجد فيه شيء من ألفاظ الوفق، قال الرافعي: وبه أجاب الاستاذ أبو طاهر، ووجهه بانه وصفها بما هي موصوفة، قال صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجدا: [قال الرافعي في موضع والأشبه أنه لا بأس باستعمال لفظ الوقف وأن قوله جعلته مسجدًا] يقوم مقامه لإشعاره بالمقصود واشتهاره فيه، على أنه نقل عن القاضي والمتولي الصحة فيما إذا نوى مع ذلك.