إذا كان الفيلسوف هو الذي يبحث ويستنتج، والعالم هو الذي يستقرئ ويعلِّل، فالأديب ولا شك هو الذي يتذوَّق ويشعر، والأدب إذن أساسه الجمال، كما أن العلم أساسه الحقيقة، والأخلاق أساسها الخير.
هذه هي الفكرة التي يجب أن تلاحظ دائماً في تدريس الأدب، لئلا يخلط بينه وبين العلم، ويتحول إلى مقاييس جافة، وحدود باردة، تفقده الجمال، وتنبو به عن الذوق، ويجب أن ينظر الطالب إلى درس الأدب، نظره إلى المتعة الحلوة، لا إلى الواجب الثقيل.
فهل تلاحظ هذه الفكرة الآن في مناهج الأدب، وفي دروسه؟
هل يقبل الطلاب على درس الأدب برغبة قوية، وميل دافع، كما يقبلون على درس الرسم والموسيقى؟
لا يشك مدرِّس واحد، في أن الجواب: لا، ولا يستطيع مدرس واحد، أن ينكر أن الطلاب ضعاف في العربية، مقصِّرون فيها، وأنهم على ضعفهم يكرهونها ولا يميلون إلى دروسها.
فما هي الطريق إلى علاج هذا الداء؟
هذا ما أحب أن أبينه في مقالتي هذه.
ولا بدَّ لي أولاً من الكلام في الأدب وتاريخ الأدب، وإن كان ذلك معروفاً، لأضع للقراء الكرام أسساً بيِّنة، نبني عليها بحثنا، ونقيم نتائجنا.
الأدب له معنيان:
فهو أولاً فن من الفنون الجميلة، التي تصف الجمال وتعبِّر عنه، فهو إذن مثل التصوير والموسيقى والنحت.