وأبلغهم وله في صدور الرسالة آيات بينات تتخذ مثالاً يحتذى، وإماماً يقتدي به البلغاء في فن الإنشاء، فنالت الرسالة بهذا من المنزلة في القلوب؛ والذيوع في البلدان والشهرة والمكانة ما لم تنله مجلة عربية قط.
وثانيهما هو انتشار الفكرة الإسلامية في مصر، ويرجع الفضل فيها لكثير أولهم وأظهرهم وأعمقهم فيها أثراً لأستاذ محب الدين الخطيب وجريدته (الفتح).
...
كان يحمل هذه الفكرة طائفة من الكتَّاب على رأسهم إمام الأدب وحجَّة العرب الرافعي، رحمه الله، وكانوا يسمُّونهم المحافظين، والأستاذ العلَّامة السيد رشيد رضا صاحب المنار، ثم أنشأ الأستاذ محب الدين الخطيب (الفتح) فحملت هذه الرسالة بقوة، وكان من أثر الفتح وأثر الأستاذ محب الدين، إنشاء جمعية الشبَّان المسلمين، وقد أنشئت في دار المطبعة السلفية، ثم اتَّسعت وعظمت حتى بلغت اليوم هذه المنزلة من الفخامة والضخامة وكثرة الفروع، ثم أنشئت الهداية الإسلامية، والجمعيات الأخرى، ثم أنشأ الأستاذ العبقري الشيخ البنا (الإخوان المسلمين) وانخرط في سلكهم القسم الأعظم من طلَّاب الجامعة والمدارس العالية ثم أنشئت (الرسالة) واتَّجهت هذا الاتجاه، وأنشأت أعداداً خاصة كل سنة في ذكرى الهجرة، والمواقع الإسلامية، ثم انضم إلى هذه الجبهة الكاتب الكبير حسين هيكل، بل انضم إليها طه حسين وتوفيق الحكيم أيضاً، ولم يبق إلا هذا الصعلوك الشعوبي سلامة موسى، ومن هذه الجهة أجل علماء مصر كالغمراوي أستاذ الكيمياء في الجامعة، وأحمد زكي رئيس مصلحة الكيمياء وأبو شوشة وغيرهم.
وبعد فإننا نريد أدباً إقليمياً، ولكنه عربي اللغة، بليغ العبارة، بعيد عن العصبية الإقليمية الباطلة، قريب من الحق والفضيلة.