للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عليه من التوفيق ذنوباً، فجعل له من مواريث الأنبياء نصيباً.

وسأخبرك عن كيفية الرؤيا، بالاستدلال على ذلك من كتاب الله والحديث، إذ كنت لم أجد فيه مقالاً كافياً لإمام متبع، وأقدم قبل ذلك ذكر النفس والروح، إذ كنت لا تصل إلى علم كيفيتها إلا بمعرفتهما، وفرق ما بينهما. وعلى الله أتوكل فيما أحاول وأستعين.

(إلى أن قال) وقد اختلف الناس في النفس والروح، فقال بعضهم، هما شيء واحد يسمَّى باسمين، كما يقال، إنسان ورجل، وهما الدم أومتَّصلان بالدم، يبطلان بذهابه، والدليل على ذلك، أن الميت لا يُفقد من جسمه إلا دمه، واحتجُّوا لذلك أيضاً من اللغة: بقول العربي: نُفست المرأة (إذا حاضت) ونَفِست (من النفاس) وبقولهم للمرأة، عند ولادتها: نُفَساء، لسيلان النفس وهو الدم. وبقول إبراهيم النخعي: كل شيء ليست له نفس سائلة لا ينجس الماء ... إلخ.

والعرب تضع النفس موضع الروح، والروح موضع النفس، فيقولون: خرجت نفسه وفاضت، وخرجت روحه منه، إما لأنهما شيء واحد، أو لأنهما شيئان متَّصلان لا يقوم أحدهما إلَّا بالآخر، وكذلك يسمون الجسد نفساً، لأنه محل النفس، قال ذو الرُّمَّة حين احْتُضِر:

يا قابض الروح من نفسي إذا احتُضِرت ... وغافر الذنب زحزحني عن النار

ويسمون الدم جسداً لأن الجسد محله. قال النابغة الذبياني:

فلا لَعَمْرُ الذي قد زُرته حِججاً ... وما أُريق على الأنصاب من جسدِ

والمهجة عندهم الدم. قال الأصمعي: سمعت أعرابية ... إلخ.

وقد أعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ... إلخ. وأرواح أهل النار ... إلخ.

<<  <   >  >>