للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن عجائب الرؤيا أن الرجل يرى الشيء لنفسه أو يُرى له فيكون ذلك لشقيقه أو ابنه أو شبيهه أو سميِّه ... إلخ.

قال (أبو محمد) وحكى أبو اليقظان ... إلخ. (قال أبو محمد): وما أشبه هذا الحديث بحديث رجل رأى في المنام -أيام الطاعون- أن الجنائز تخرج من داره على عدد من فيها، فطعن أهل الدار جميعاً غيره، فبقي ينتظر الموت ولا يشك في أنه لاحق بهم، فدخل الدار لص، فطُعن فيها فمات في الدار، فأخرجت جنازته منها وسلم الرجل.

(حدثنا أبو محمد) قال: حدثني بعض الكتاب ... إلخ.

وإن رأيت الرؤيا كلها مختلطة لاتلتئم على الأصول علمت أنها من الأضغاث فأرجيتها، وإن اشتبه عليك الأمر، سألت الرجل عن ضميره في سفره إن كان رأى السفر، وفي صلاته إن كان رأى الصلاة، وفي صيده إن كان رأى الصيد، ثم قضيت بالضمير، وإن لم يكن هناك ضمير أخذت بالأسماء على ما بينت لك. وقد تختلف طبائع الناس في الرؤيا، ويجرون على عادة فيها، يعرفونها من أنفسهم، فيكون ذلك أقوى من الأصل، فتسأل عن طبع الرجل، وما جرت عليه عادته ... إلخ. وإن كان الأصل طائراً ... إلخ. وإن كان غراباً ... إلخ، وقيل لمن أبطأ عليك أو ذهب فلم يعد إليك: غراب نوح، وإن كان عقعقاً كان رجلاً لا عهد له ولا حفاظ ولا دين. قال الشاعر:

ألا إنما حملتم الأمر عقعقا

وإن كان عقاباً ... إلخ.

...

هذه فقرة من المقدمة القيِّمة التي قدم بها الكتاب وهي تقع في أكل من أربعين صفحة، وتأتي من بعدها أبواب الكتاب وهي ستة وأربعون باباً، فيها من نوادر الشعر وطرائف اللغة ودرر الأدب مثل ما في المقدِّمة، ولولا أن هذا الفصل قد طال، لاخترنا منها فقراً رويناها في (الرسالة)، والكتاب على الجملة من نفائس تراثنا العلمي، ومكانه من الخزانة العربية لا يزال خالياً لم يشغله كتاب. وإنا لنأمل له من رجال الأدب ومن الناشرين الاهتمام اللائق به.

***

<<  <   >  >>