بالسيف، فهو يشبه في هذا المعنى المتنبي شاعر العرب الأكبر؛ يدل على آماله السياسية وطموحه إلى الملك شعره الذي سيمر بك عما قريب، ودعاؤه عقب كل صلاة:«اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها»، وتيهه على ممدوحيه من الملوك والوزراء، وفخره بنفسه بين أيديهم.
أما الشعر فكان ينظمه ترويحاً عن نفسه، وترجمة عن أدبه، ويمدح به من يمدح للأدب لا للنشب، وللوفاء لا للعطاء:
ولم أنظم الشعر عجباً به ... ولم أمتدح أحداً من أرب
ولا هزَّني طمع للقربـ ... ـض ولكنه ترجمان الأدب
...
إني بمدحك مغرى غير ملتفت ... إلى ندى خضل الأنواء مطلوب
وكان يترفع عن أن يستجدي بالشعر، وأن يعد من الشعراء السؤَّال. ويرى نفسه نداً لممدوحيه. فهو ينظم لهم هذه القصائد المعجزة، يبتغي بها ودهم وإخاءهم لا نوالهم وعطاءهم:
ولولاك لم تخطر ببالي قصائد ... هوابط في غور طوالع من نجد
لحقت بها شأو المجيدين قبلها ... وهيهات أن يؤتى بأمثالها بعدي
فهن عذارى مهرها الود لا الندى ... وما كل من يعزى إلى الشعر يستجدي
ولم يكن يسلك سبيل شعراء المدح في الكذب والغلو والمبالغة. ولكن سبيله وصف ما يرى من صفات ممدوحيه وخلالهم وصفاً صادقاً، لا كذب فيه ولا إغراق:
وصدق قولي فيك أفعالك التي ... أبت لقريضي أن أوشحه كذباً
...
لا زلت تلقح آمالاً وتنتجها ... مواهباً يمتريها كل محروب
وتودع الدهر من شعر أحبره ... مدائحاً لم توشح بالأكاذيب