للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم ينظر أي عالم إلى الجزيرة ومصر والشام والعراق على أنها دار حرب وديار خروج من الملة، وذلك منذ عهد الخوارج إلى عهد الشيخ محمد! " (١).

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى مبنية على اعتقاد المناوئين بأن تكفير الإمام محمد بن عبد الوهاب للمخالفين من عباد القبور والمشركين غير صحيح، وأن هذا التكفير مبني على مخالفة عقيدة الإمام- حسب زعمهم-، فمن وافق دعوة الإمام فهي دار إسلام، ومن خالفها فهي دار كفر.

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: أن الإمام محمد بن عبد الوهاب قسم الدور إلى: دار إسلام ودار كفر بناء على حال أهلها، يقول عن بني عبيد القداح (٢): " فإنهم ظهروا على رأس المائة الثالثة، فادعى عبيد الله أنه من آل علي بن أبي طالب، ومن ذرية فاطمة، وتزيَّ بزي أهل الطاعة والجهاد في سبيل الله، فتبعه أقوام من أهل المغرب وصار له دولة كبيرة من المغرب ولأولاده من بعده، ثم ملكوا مصر والشام، وأظهروا شرائع الإسلام، وإقامة الجمعة والجماعة، ونصبوا القضاة والمفتين، لكن أظهروا الشرك ومخالفة الشريعة، وظهر منهم ما يدل على نفاقهم وشدة كفرهم، فأجمع أهل العلم: أنهم كفار وأن دارهم دار حرب مع إظهار شعائر الإسلام وشرائعه، وفي مصر من العلماء والعباد أناس كثير، وأكثر أهل مصر لم يدخل معهم فيما أحدثوه، مع ذلك أجمع العلماء على ما ذكرنا، حتى إن بعض أهل العلم المعروفين بالصلاح (٣) قال: لو أن معي عشرة أسهم لرميت بواحد منها النصارى المحاربين، ورميت بالتسعة بني عبيد" (٤).

فأوضح الإمام إجماع أهل العلم على أن بني عبيد القداح كفار، وأن دارهم دار حرب مع إظهارهم شعائر الإسلام، أما أهل مصر فذكر منهم العلماء والعباد، وأن أكثرهم لم


(١) المناظرة الثالثة: الدعوة الوهابية وموقفها من تكفير الممارسات الشعائرية عند القبور، ضمن كتاب جدل الدين والسياسة: ٢٨٨.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى: ٣٥/ ١٢٨ - ١٣١، وسير أعلام النبلاء ١٥/ ١٥٤، والبداية والنهاية: ١١/ ٣٤٦.
(٣) هو محمد بن أحمد بن سهل الرملي، ويعرف بابن النابلسي. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء: ١٦/ ١٤٨.
(٤) الدرر السنية: ٩/ ٣٩٣، ١١/ ٣٩٤.

<<  <   >  >>