وقال الشوكاني:«والظاهر أن الهدايا التي تهدى للقضاة ونحوهم هي نوع من الرشوة؛ لأن المهدي إذا لم يكن معتادًا للإهداء إلى القاضي قبل ولايته، لا يهدي إليه إلا لغرض ... وأقل الأحوال: أن يكون طالبًا لقربه من الحاكم وتعظيمه ونفوذ كلامه، ولا غرض له بذلك إلا الاستطالة على خصومه أو الأمن من مطالبتهم له فيحتشمه من له حق عليه، ويخافه من لا يخافه قبل ذلك، وهذه الأغراض كلها تئول إلى ما آلت إليه الرشوة. فليحذر الحاكم المتحفظ لدينه، المستعد للوقوف بين يدي ربه، من قبول هدايا من أهدى إليه بعد توليه للقضاء، فإن للإحسان تأثيرًا في طبع الإنسان، والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، فربما مالت نفسه إلى المهدى إليه ميلاً يؤثر الميل عن الحق عند عروض المخاصمة بين المهدي وبين غيره، والقاضي لا يشعر بذلك، ويظن أنه لم يخرج عن الصواب؛ بسبب ما قد زرعه الإحسان في قلبه، والرشوة لا تفعل زيادة على هذا»(١).