والمعنى: لا نعبد غيرك ولا نستعينه، وذكر سبحانه «الاستعانة» بعد «العبادة» مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى فإنه إن لم يعنه الله، لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي، لأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه، ودفع مضاره فلا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول.
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أي: دلنا وأرشدنا ووفقنا للصراط المستقيم وهو الإسلام، وثبتنا عليه حتى نلقاك.
والهداية على نوعين، هداية طريق وهداية توفيق، وهداية التوفيق خاصة بالله تعالى ومنها قوله عز وجل {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: ٥٦] وهداية الطريق: هداية دلالة وإرشاد، وهي للأنبياء وأتباعهم من العلماء والدعاة ومنها قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢].
{الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، الموصل إلى جنته ورضوانه وهو الإسلام، وسمي صراطًا مستقيمًا لأنه طريق واسع سهل يوصل إلى المقصود.
فنحن ندعو الله عز وجل أن يوفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الموصل إلى جنته، وندعوه أن يوفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته، فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين.
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهؤلاء هم القدوة لنا في حياتنا.