للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما رواية «أجيبوا هذه الدعوة» فقال الحافظ ابن حجر: وهذه اللام يحتمل أن تكون للعهد، والمراد وليمة العرس ويؤيده رواية ابن عمر الأخرى «إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها» وقد تقرر أن الحديث الواحد إذا تعددت ألفاظه وأمكن حمل بعضها على بعض تعين ذلك، ويحتمل أن تكون اللام للعموم، وهو الذي فهمه راوي الحديث فكان يأتي الدعوة للعرس ولغيره (١).

وأما رواية أبي داود وابن عدي والبيهقي «من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ...» فإنها تدل على العموم وعدم التخصيص بالعرس لكنها ضعيفة كما تقدم بيان ذلك (٢).

لكنه ورد عند أبي يعلى وصححه الحافظ (٣) بلفظ «إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله».

فجعل العصيان مقيدًا بممن لم يجب دعوة الوليمة لا كل دعوة.

وأما رواية «عرسًا كان أو نحوه» فإنها تدل على عدم التخصيص بوليمة العرس لأنه قال أو نحوه لكن يمكن أن يجاب عنه:

بأن يقال هذه الرواية تدل على أنه لا يجب إجابة كل دعوة، وذلك لأن الحديث أمر بإجابة دعوة العرس ونحوه فما المراد بهذا النحو فهل المراد به نحوه من حيث الكبر أو غير ذلك إلا أن يقال: بينه فهم ابن عمر، وأنه كان يأتي في العرس وغير العرس لكن هذا لا يدل على الوجوب أيضًا لأن تطبيق ابن عمر للإتيان إنما هو لكونه مأمورًا بهذا ولو كان على سبيل الاستحباب، لما عُرف عنه من شدة تحريه للسنة وقد يكون أخذ إتيان وليمة العرس من هذا الحديث، وغير وليمة العرس من أحاديث أُخر كحديث البراء وغيره ففعله لا يدل على


(١) الفتح (٩/ ٢٤٦).
(٢) ص: (١٥).
(٣) في التلخيص (٣/ ١٩٥) عزاه لأبي يعلى وذكر سنده وصححه.

<<  <   >  >>