أما حكم الإجابة إلى الدعوة إذا كان في البيت ستور فلا تخلو من أحوال:
الأولى: أن تكون الستور لحاجة ولم تشتمل على محرم فهذه لا تمنع الإجابة.
الثانية: أن تكون لغير حاجة واشتملت على محرم ككونها من حرير أو فيها صور فهذا حكمه حكم الدعوة التي اشتملت على منكر وسبق تفصيل ذلك.
الثالثة: أن تكون لغير حاجة ولم تشتمل على منكر فهذا يرجع إلى الخلاف في حكم الستور في هذه الحالة فمن رأى التحريم فإن حكم الإجابة إلى الدعوة التي فيها منكر كما تقدم.
ومن رأى الكراهة فحكمه الكراهية.
قال الحافظ ابن حجر: وإن كان مما يكره كراهة تنزيه فلا يخفى الورع، ثم قال ومما يؤيد ذلك ما وقع في قصة ابن عمر من اختلاف الصحابة في دخول البيت الذي سترت جدره ولو كان حرامًا ما قعد الذين قعدوا، ولا فعله ابن عمر، فيحمل فعل أبي أيوب على كراهة التنزيه جمعا بين الفعلين، ويحتمل أن يكون أبو أيوب كان يرى التحريم والذين لم ينكروا يرون الإباحة (١).
[المسألة الثالثة: إذا كان في مكان الدعوة منكر لا يراه ولا يسمعه]
إذا علم أن في مكان الدعوة منكرًا لا يراه ولا يسمعه فهو بالخيار كما حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد - رحمه الله -.
قال ابن قدامة: وإن علم أن عند أهل الوليمة منكرًا لا يراه ولا يسمعه لكونه بمعزل عن موضع الطعام أو يخفونه وقت حضوره، فله أن يحضر ويأكل، نص عليه أحمد، وله الامتناع من الحضور في ظاهر كلامه، فإنه سئل عن الرجل
(١) في الفتح (٩/ ٢٥٠) نقلاً عن ابن بطال في حكاية مذاهب العلماء في الدخول في الدعوة يكون فيها منكر.