[فرع: في تقرير هذا الأصل من كلام أبي الحسن الأشعري]
قال في رسالته إلى أهل الثغر:(الإجماع الخامس: وأجمعوا على أن صفته عز وجل لا تشبه صفات المحدثين، كما أن نفسه لا تشبه أنفس المخلوقين، واستدلوا على ذلك بأنه لو لم يكن له عز وجل هذه الصفات لم يكن موصوفا بشيء منها في الحقيقة، من قِبَل أن من ليس له حياة لا يكون حياً، ومن لم يكن له علم لا يكون عالماً في الحقيقة، ومن لم يكن له قدرة فليس بقادر في الحقيقة، وكذلك الحال في سائر الصفات، ألا ترى من لم يكن له فعل لم يكن فاعلاً في الحقيقة، ومن لم يكن له إحسان لم يكن محسناً، ومن لم يكن له كلام لم يكن متكلماً في الحقيقة، ومن لم يكن له إرادة لم يكن في الحقيقة مريداً، وأن من وُصف بشيء من ذلك مع عدم الصفات التي توجب هذه الأوصاف له لا يكون مستحقاً لذلك في الحقيقة، وإنما يكون وصفه مجازاً أو كذباً، ..... إلى أن قال: وذلك أن هذه الأوصاف مشتقة من أخص أسماء هذه الصفات ودالة عليها، فمتى لم توجد هذه الصفات التي وصف بها كان وصفه بذلك تلقيباً أو كذباً، فإذا كان الله عز وجل موصوفاً بجميع هذه الأوصاف في صفة الحقيقة وجب إثبات الصفات التي أوجبت هذه الأوصاف له في الحقيقة وإلا كان وصفه بذلك مجازا)(١) اهـ.