[[الكلام حول الكرابيسي وحقيقة خلافه مع الإمام أحمد]]
مع أن الكرابيسي قد اختُلف في قوله في هذه المسألة، فذكر الذهبي وابن كثير أنه يقول: أن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات وأن لفظي بالقرآن مخلوق. ومراده باللفظ أفعال التالين للقرآن، لا الملفوظ المقروء. وهذا هو الذي حمل الذهبي وابن كثير ومن نقل عنهم الأشعريان على القول بأن الخلاف بين الإمام أحمد والكرابيسي كان خلافاً لفظياً، وأن الإمام أحمد أنكر مقولته وعدها من أقوال الجهمية، وأن الكرابيسي لم يرد ما أراده الجهمية من القول بخلق القرآن والتذرع بمقولة:(لفظي بالقرآن مخلوق) ويعنون به المقروء وهو القرآن لا أفعال التالين.
وخالفهما ابن عبد البر فذكر أن الكرابيسي كان يقول بأن القرآن حكاية عن كلام الله، وأنه موافق لابن كلاب والمحاسبي وداود في هذا.
فقال:(وكان الكرابيسي وعبد الله بن كلاب وأبو ثور وداود بن علي وطبقاتهم يقولون: إن القرآن الذي تكلم الله به صفة من صفاته لا يجوز عليه الخلق، وأن تلاوة التالي وكلامه بالقرآن كسب له وفعل له وذلك مخلوق، وأنه حكاية عن كلام الله، وليس هو القرآن الذي تكلم الله به)(١) اهـ.
وهذا الذي ذكره ابن عبد البر عن الكرابيسي هو الذي ذكره أبو حاتم الرازي عنه حيث عده ممن يقول بالحكاية.