ومما يبطل هذه الدعوى أن يُقال: لو كانت صفات الله مجازاً لا حقيقة لها، لكان صدق نفيها أصح من صدق إطلاقها، ألا ترى أن صحة نفي اسم الأسد عن الرجل الشجاع أظهر وأصدق من إطلاق ذلك الاسم، لكون المجاز يصح نفيه. وبناءاً عليه يكون قول القائل: ليس لله يد، ولا وجه، ولا ينزل، ولا يضحك، ولا يرضى، ولا يجيء، أصح من قوله: لله يد، ووجه، وأنه ينزل، ويضحك، ويرضى، ويجيء. ولا ريب أن هذا عين المحادة لله تعالى، بل هو تكذيب صريح لله ولرسوله. تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.
وأما من فرق بين صفة وصفة، فادعى في بعض الصفات أنها حقيقة، وفي الأخرى أنها مجاز، فتحكم محض، فإن هناك ألفاظاً تطلق على الخالق والمخلوق: أفعالها، ومصادرها، وأسماء الفاعلين، والصفات المشتقة منها:
فإن كانت حقائقها ما يُفهم من صفات المخلوقين وخصائصهم، - ولا ريب في انتفاء هذا في حق الله قطعاً - لزم أن تكون جمعيها مجازات في حقه لا حقيقة، فلا يوصف بشيء من صفات الكمال حقيقة، وتكون أسماؤه الحسنى كلها مجازات. وكفى بأصحاب هذه المقالة كفراً.
وإن فرق بين صفة وصفة، طولب بالطريق الذي اهتدى إليه، واستند عليه في التفريق بين النفي والإثبات؟ بالشرع أم بالعقل أم