فأثبتوا - رضي الله عنهم - بلا تشبيه، ونزهوا من غير تعطيل، ولم يتعرض مع ذلك أحد منهم إلى تأويل شيء من هذا، ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت، ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل على وحدانية الله تعالى، وعلى إثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - سوى كتاب الله، ولا عرف أحد منهم شيئاً من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة، فمضى عصر الصحابة - رضي الله عنهم - على هذا) (١) اهـ.
وقال أيضاً: (فلذلك وصف الله تعالى نفسه الكريمة بها في كتابه، ووصفه رسول الله أيضاً بما صح عنه وثبت، فدل على أن المؤمن إذا اعتقد أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، كان ذكره لهذه الأحاديث تمكين الإثبات، وشجاً في حلوق المعطلة، وقد قال الشافعيّ رحمه الله "الإثبات أمكن" نقله الخطابيّ، ولم يبلغنا عن أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم أنهم أوّلوا هذه الأحاديث، والذي يمنع من تأويلها إجلال الله تعالى عن أن تضرب له الأمثال، وأنه إذا نزل القرآن بصفة من صفات الله تعالى، كقوله سبحانه:"الله فوق أيديهم " فإن نفس تلاوة هذا يفهم منها السامع المعنى المراد به، وكذا قوله تعالى:"بل يداه مبسوطتان"، عند حكايته تعالى عن اليهود نسبتهم إياه