قال الأشعريان بعد تعريفهما للتفويض والتأويل (ص١٤٤ - ١٤٥): (وهذان المذهبان كما أسلفنا هما المذهبان المعتبران المأثوران عن أهل السنة والجماعة في أبواب المتشابه، ولا اعتبار لمن جنح إلى التعطيل أو التشبيه من المذاهب الأخرى التي رفضتها الأمة ولفظتها ... ) إلى أن قالا: (حمل الكلام على الظاهر والحقيقة يفضي قطعاً إلى التشبيه، لأن حقائق وظواهر هذه الألفاظ أجسام وكيفيات مخلوقة ... ) إلى أن قالا: (بقي القسم الأخير وهو صرف الكلام عن الحقيقة والظاهر، ثم بعد صرفه عن الظاهر إما أن يُتوقف عن التماس معنى له ويوكل العلم به إلى الله، وهذا هو التفويض الذي عليه جماهير السلف الصالح، أو يلتمس له معنى لائق بالله تعالى حسب مناحي الكلام عند العرب وما تسيغه لغتهم، وهذا هو التأويل الذي عليه خلف الأمة وجماعات من سلفها الصالح) اهـ.
وبناءاً عليه فإن مذهب التفويض الذي ينسبه الأشعريان إلى السلف يعود إلى التأويل، بمعنى أن الفريقين -أهل التفويض وأهل التأويل- قد اتفقا على أن هذا الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله تعالى، وأنه ليست على ظاهرها، ولا يراد به الحقيقة، ولكن السلف أمسكوا عن تأويلها ولم يحددوا المعنى المجازي المراد منها، والخلف رأوا المصلحة في تأويلها والتصريح بالمعنى المجازي لمسيس الحاجة إلى ذلك، وأن الفرق بين الطريقين أن أهل