وأهل التكييف يثبتون لصفاته تعالى كيفية معينة. فنفى الإمام أحمد قول هؤلاء، وقول هؤلاء. قول المكيفة الذين يدعون أنهم علموا الكيفية، وقول المحرفة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، ويقولون: معناه كذا وكذا.
وقول الإمام مالك:"الاستواء معلوم، والكيف مجهول" وفي لفظ "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول" موافق لقول الباقين من الأئمة والمعروف عن السلف من قولهم عن آيات الصفات (أمروها كما جاءت بلا كيف). فإنهم إنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كانوا قد آمنوا باللفظ المجرد فقط من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قال الإمام مالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف، فان الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم.
ومن المعلوم أيضاً أنه لا يُحتاج إلى نفى علم الكيفية إذا لم يُفهم عن اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفى علم الكيفية إذا أثبتت الصفات، فإن نفي الأخص يستلزم إثبات الأعم، فلو قال قائل: ما فهمت كلام زيد، لفُهم منه أن القائل قد سمع كلاماً لزيد، لكنه لم يفهمه، فإن الفهم أخص من السمع، فلما نُفي الأخص، دل على ثبوت الأعم. والكيفية أخص من المعنى، فلما نفى السلف الكيفية، دل ذلك على علمهم بالمعنى. وإلا فإن من ينفى الصفات الخبرية