للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخرون: قوله {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم} البقرة٩، على الجواب، كقول الرجل لمن كان يخدعه إذا ظفر به أنا الذي خدعتك ولم تكن منه خديعة، ولكن قال ذلك إذ صار الأمر إليه. قالوا: وكذلك قوله {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين} آل عمران٥٤، {والله يستهزئ بهم} البقرة١٥، على الجواب، والله لا يكون منه المكر ولا الهزء، والمعنى أن المكر والهزء حاق بهم.

وقال آخرون: قوله {إنما نحن مستهزؤون. الله يستهزئ بهم} البقرة١٥، وقوله {يخادعون الله وهو خادعهم} البقرة٩، وقوله {فيسخرون منهم سخر الله منهم} التوبة٧٩، و {نسوا الله فنسيهم} التوبة٦٧، وما أشبه ذلك إخبار من الله أنه مجازيهم جزاء الاستهزاء، ومعاقبهم عقوبة الخداع، فأخرج خبره عن جزائه إياهم وعقابه لهم مخرج خبره عن فعلهم الذي عليه استحقوا العقاب في اللفظ وإن اختلف المعنيان، كما قال جل ثناؤه {وجزاء سيئة سيئة مثلها} الشورى٤٠، ومعلوم أن الأولى من صاحبها سيئة إذ كانت منه لله تبارك وتعالى معصية، وأن الأخرى عدل لأنها من الله جزاء للعاصي على المعصية، فهما وإن اتفق لفظاهما مختلفاً المعنى، وكذلك قوله {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} البقرة١٩٤، فالعدوان الأول ظلم والثاني جزاء لا ظلم بل هو عدل لأنه عقوبة للظالم على ظلمه وإن وافق لفظه لفظ الأول،

<<  <   >  >>