عزائمهم وحميد أفعالهم المحققة لهم صحة إيمانهم مع علم الله عز وجل بكذبهم واطلاعه على خبث اعتقادهم وشكهم فيما ادعوا بألسنتهم أنهم مصدقون حتى ظنوا في الآخرة إذ حشروا في عداد من كانوا في عدادهم في الدنيا أنهم واردون موردهم وداخلون مدخلهم، والله جل جلاله مع إظهاره ما قد أظهر لهم من الأحكام الملحقتهم في عاجل الدنيا وآجل الآخرة إلى حال تمييزه بينهم وبين أوليائه وتفريقه بينهم وبينهم معد لهم من أليم عقابه ونكال عذابه ما أعد منه لأعدى أعدائه وأشر عباده حتى ميز بينهم وبين أوليائه فألحقهم من طبقات جحيمه بالدرك الأسفل
كان معلوماً أنه جل ثناؤه بذلك من فعله بهم وإن كان جزاء لهم على أفعالهم وعدلاً ما فعل من ذلك بهم لاستحقاقهم إياه منه بعصيانهم له كان بهم بما أظهر لهم من الأمور التي أظهرها لهم من إلحاقه أحكامهم في الدنيا بأحكام أوليائه وهم له أعداء وحشره إياهم في الآخرة مع المؤمنين وهم به من المكذبين إلى أن ميز بينهم وبينهم مستهزئاً وساخراً ولهم خادعاً، وبهم ماكراً، إذ كان معنى الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة ما وصفنا قبل دون أن يكون ذلك معناه في حال فيها المستهزئ بصاحبه له ظالم، أو عليه فيها غير عادل، بل ذلك معناه في كل أحواله إذا وجدت الصفات التي قدمنا ذكرها في معنى الاستهزاء وما أشبهه من نظائره.