قال:(حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الألباب أن تصف إلا ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله، وقد صح عن جميع أهل الديانة والسنة إلى زماننا أن جميع الآي والأخبار الصادقة عن رسول الله يجب على المسلمين الإيمان بكل واحد منه كما ورد، وأن السؤال عن معانيها بدعة، والجواب كفر وزندقة، مثل قوله:{هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} البقرة٢١٠، وقوله:{الرحمن على العرش استوى} طه٥، و {جاء ربك والملك صفاً صفاً} الفجر٢٢، ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية، والنفس، واليدين، والسمع، والبصر، وصعود الكلم الطيب إليه، والضحك، والتعجب، والنزول .. ) إلى أن قال: (اعتقادنا فيه وفي الآي المتشابه في القرآن أن نقبلها، ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهر تنزيلها)(١) اهـ.
وحكمه بالبدعة على السؤال عن معاني الصفات، المراد به السؤال عن كيفيتها وحقيقة ما هي عليه، أو حملها على خلاف ظاهرها من مجازات الكلام، ولذلك جعل الجواب عليها كفراً وزندقةً، ومعلوم أن السلف قد تكلموا في معاني الصفات كالاستواء، والنزول، والوجه، ونحوها، كما سبق بيانه في الفصل السابق، وكلام السلف يفسر بعضه بعضاً، ويؤيد بعضه بعضاً، ولا يقتطع منه من شاء ما شاء، ليستدل به على باطل.