للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا خطأ جوهري يفقد الكتاب قيمته، ويسقطه عن درجة البحث الموضوعي إلى درجة الحشو والتلفيق والدعاوى المجردة.

وصدق أبو نصر السجزي إذ يقول في رسالته إلى أهل زبيد (ص١٠١): (فكل مدع للسنة يجب أن يُطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك عُلم صدقه، وقُبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف عُلم أنه مُحدِث زائغ، وأنه لا يستحق أن يُصغا إليه أو يُناظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به، بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنه بيّن، وكتبهم عارية عن إسناد، بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي ... ) (١) اهـ.

وقال المِبرَد في رده على من امتدح الأشاعرة: (وهذا الذي قال لا يُقبل قوله، لأنه من جملة أتباع الأشعري، ومن يمدح العروس غير أمها وأختها) (٢).

الأمر الثالث: أن غاية ما استدلا به وحصلاه في إثبات كون الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة، وأنهم أهل الطريقة المثلى، هو شهادة الأشاعرة أنفسهم لأنفسهم، وهذا عبث لا طائل من ورائه، وحال هذين كحال الرافضي الذي يستشهد على كون الرافضة هم أهل الحق بشهادة أئمة الرافضة.

ومن بدهيات البحث والتحقيق العلمي أن تقرير صحة الطرق والمناهج لا يكون بشهادة أصحابها لأنفسهم، وإنما بالدليل والحجة والبرهان من الكتاب والسنة وأقوال السلف وأئمة السنة.

وصدق أبو نصر السجزي إذ يقول في مثل هذا: (ويتعلق قوم


(١) رسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص١٠١).
(٢) جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر (ص١٣١).

<<  <   >  >>