فإذا سمع السني هذا الكلام ظن أنهما موافقان للسلف في هذا الباب، وإذا استفصل منهما علم موافقتهما للمعتزلة والجهمية.
وقد كشف عن حقيقة هذا التلبيس شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري فقال في سياق حقيقة موافقة الأشاعرة للجهمية في كثير من الأصول ومنها القول بخلق القرآن:
(وقال أولئك -يعني: الجهمية- ليس له كلام، إنما خلق كلاماً.
وهؤلاء -يعني الأشاعرة- يقولون: تكلم مرة، فهو متكلم به منذ تكلم، لم ينقطع الكلام، ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به.
ثم يقولون: ليس هو في مكان، ثم قالوا: ليس له صوت ولا حروف. وقالوا: هذا زاج وورق، وذها صوف وخشب، وهذا إنما قصد به النقش وأريد به التفسير.
وهذا صوت القاري، أما ترى أنه منه حسن وغير حسن؟! وهذا لفظه، أوما تراه يجازى به حتى قال رأس من رؤوسهم: أويكون قرآن من لبد؟! وقال آخر: من خشب؟! فراوغوا فقالوا: هذا حكاية عبر بها عن القرآن والله تكلم مرة، ولا يتكلم بعد ذلك. ثم قالوا: غير مخلوق، ومن قال: مخلوق كافر.
وهذا من فخوخهم، يصطادون به قلوب عوام أهل السنة، وإنما اعتقادهم في القرآت غير موجود لفظته الجهمية الذكور بمرة والأشعرية الإناث بعشر مرات) (١) اهـ.