للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: لم نكلف معرفة كيفية نزوله في ديننا، ولا تعقله قلوبنا، وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلاً أو صفة بفعالهم وصفتهم، ولكن ينزل بقدرته ولطف ربوبيته كيف يشاء، فالكيف منه غير معقول، والإيمان بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نزوله واجب، ولا يسأل الرب عما يفعل كيف يفعل وهم يسألون، لأنه القادر على ما يشاء أن يفعله كيف يشاء، وإنما يقال لفعل المخلوق الضعيف الذي لا قدرة له إلا ما أقدره الله تعالى عليه: كيف يصنع؟ وكيف قدر؟.

ولو قد آمنتم باستواء الرب على عرشه، وارتفاعه فوق السماء السابعة بدءاً إذ خلقها، كإيمان المصلين به، لقلنا لكم: ليس نزوله من سماء إلى سماء بأشد عليه، ولا بأعجب من استوائه عليها إذ خلقها بدءاً، فكما قدر على الأولى منهما كيف يشاء، فكذلك يقدر على الأخرى كيف يشاء.

وليس قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نزوله بأعجب من قول الله تبارك وتعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} البقرة٢١٠. ومن قوله: {وجاء ربك والملك صفا صفا} الفجر٢٢. فكما يقدر على هذا يقدر على ذاك.

فهذا الناطق من قول الله عز وجل، وذاك المحفوظ من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأخبار ليس عليها غبار، فإن كنتم من عباد الله

<<  <   >  >>