ثانياً: أن هذا الأثر - على فرض ثبوته - ليس من التأويل في شيء، وإنما هو من التفسير باللازم، إذ أنه من المعلوم أن الله تبارك وتعالى يبصر ويرى ما يصنعه نوح عليه السلام، وما يكيده به قومه، فقال له مسلياً: إنك تحت نظرنا، وبمرأى منا، فلا تخف، وليس هذا من تأويل العينين في شيء، ولا من صرف اللفظ عن ظاهره.
إنما يصح التأويل الذي يزعمانه إذا لم يُثبت لله تعالى عين.
ومعلوم لكل عاقل أن نوحاً عليه السلام لم يكن في نفس عين الله تعالى، فذات الله ليست محلاً للمخلوقات، تعالى الله عن ذلك، وإنما المراد الحفظ والكلاءة.
بل ثبوت اللازم ثبوت الملزوم. كما لو قال قائل في قوله تعالى:{إنني معكما أسمع وأرى} طه٤٦، أي: أنتما في حفظي ورعايتي، لكان صحيحاً، وليس هذا تأويلٌ للرؤية أو السماع، بل هو إثبات لهما لثبوت لازمهما.
قال الدارمي في رده على المريسي: (وأما تفسيرك عن ابن عباس في قوله: {فإنك بأعيننا} الطور ٤٨، أنه قال: بحفظنا وكلاءتنا، فإن صح عن ابن عباس في قوله:{فإنك بأعيننا} الطور ٤٨، أنه قال: بحفظنا وكلاءتنا، فإن صح قولك عن ابن عباس فمعناه الذي ادعيناه، لا ما ادعيت أنت، يقول: بحفظنا وكلاءتنا بأعيننا، لأنه لا يجوز في كلام العرب أن يوصف أحد بكلاية إلا