للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجيء والإتيان مخلوقاً، فعارضهم بهذا الأصل، فقال: فكذلك وصف الله سبحانه كلامه وهو القرآن بالمجيء في حديث "تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غيايتان" هو مثل وصف نفسه بذلك، فلا يدل على أن كلامه مخلوق، بل يحمل مجيء القرآن على مجيء ثوابه، كما حملتم مجيئه سبحانه وإتيانه على مجيء أمره وقدرته.

فالإمام أحمد ذكر ذلك على وجه المعارضة والإلزام لخصومه بما يعتقدونه في نظير ما احتجوا به عليه، لا أنه يعتقد ذلك، والمعارضة لا تستلزم اعتقاد المعارض صحة ما عارض به.

ثانياً: أن هذا مخالف للمتواتر المشهور عن الإمام أحمد في هذا الباب من وجوب إمرار الصفات على ظاهرها، ومنع التعرض لها بتأويل أو غيره. بل إن حنبلاً نفسه نقل عنه ترك التأويل والمنع منه مطلقاً:

فقال حنبل بن إسحاق: (قلت لأبي عبد الله: ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا؟ قال: نعم. قلت: نزوله بعلمه أم بماذا؟ قال: فقال لي: اسكت عن هذا، وغضب غضباً شديداً، وقال: مالك ولهذا؟ أمض الحديث كما روي بلا كيف) (١) اهـ.

وقال حنبل: (سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى أن الله سبحانه ينزل إلى سماء الدنيا، وأن الله يُرى، وأن الله يضع قدمه، وما أشبه هذه الأحاديث.


(١) سبق تخريجه حاشية ٣١.

<<  <   >  >>