تركه الاعتزال كان على طريق عبد الله بن سعيد بن كلاب، وهذا أمر يوافقنا عليه أصحاب الدعوى -أي من ينكرون كون الأشاعرة من أهل السنة والجماعة- ولكنهم يخالفوننا في أن طريق ابن كلاب وطريق السلف هما في حقيقة الأمر طريق واحد، لأن ابن كلاب كان من أئمة أهل السنة والجماعة السائرين على طريق السلف الصالح) اهـ.
ولقد صور الأشعريان أن الخلاف بين الإمام أحمد وبين ابن كلاب وأصحابه كالمحاسبي والأشعري، إنما كان يدور حول مسألة اللفظ، وهي مقولة (القرآن كلام الله غير مخلوق، ولفظي به مخلوق). وأن الإمام أحمد بدّع من قال بذلك لئلا يُتذرع بها إلى القول بأن القرآن مخلوق، وأن ابن كلاب وأصحابه صرحوا باللفظ وميزوا بين القرآن وأنه كلام الله، وبين أفعال التالين للقرآن وأنها مخلوقة.
ولم يكتفيا بذلك حتى جمعا مع ابن كلاب فيما زعماه: البخاري ومسلم والطبري، فنقلا عن ابن عبد البر قوله:(وكان الكرابيسي وعبد الله بن كلاب وأبو ثور وداود بن علي وطبقاتهم يقولون: إن القرآن الذي تكلم الله به صفة من صفاته .... وأنه حكاية عن كلام الله ... ) ثم زادا على من ذكرهم ابن عبد البر ولبّسا.
فقالا (٥٢ - ٥٣): (وعلى أية حال هذا القول الذي بُدّع عبد الله بن كلاب بسببه لا يقتضي وصفه بالبدعة أو أنه على غير طريق السلف،