ناهيك عن كتب السنة الأخرى، والتي أُلّفت لبيان معتقد السلف والرد على أهل البدع والمخالفين من أصناف المعطلة والمشبهة (١).
والمعلوم أن المعتزلة والجهمية قد قويت شوكتهم في أواخر القرن الثاني، لما تأثر بهم الخليفة المأمون، حتى حصلت تلك الفتنة العظيمة، التي امتُحن فيها العلماء، وأوذي فيها الإمام أحمد أذى عظيماً، وهي فتنة القول بخلق القرآن، وقد تتابع على هذه الفتنة ثلاثة خلفاء: المأمون، والواثق، والمعتصم، وهذا قد ساهم كثيراً في دفع عجلة السلف لكشف أباطيل هاتين الفرقتين، والجواب عن شبهاتهم، خشيةً من التباسها على الناس.
ومع كل هذه الردود من السلف والأئمة على الجهمية والمعتزلة، وما حصل من الفتنة بهم، فإننا لم نجد أحداً من السلف قط يقرر ما قرره الأشعري في الاعتقاد، لا من حيث التأصيل والتقعيد، ولا من حيث الرد على المعتزلة والنكير، بل على العكس من ذلك: وجدنا نصوصهم صريحة في نقض أصوله الاعتقادية في أسماء الله وصفاته، كما سبق بيانه في الباب الأول، فضلاً عن سائر أبواب الاعتقاد كالإيمان والقدر والنبوات وغيرها من أبواب الاعتقاد التي لم نعرّج عليها في كتابنا هذا.
(١) للمزيد في معرفة كتب السلف في الردود على الجهمية والمعتزلة انظر رسالة "تاريخ تدوين العقيدة السلفية" لعبد السلام بن برجس.