للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكَافِرُ لا يُعَاقَبُ بِذَنبِ غَيْرِهِ، قال الله - عز وجل -: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]، وإِنَّمَا لَفْظُ الحَدِيث عَلَى مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بنُ أَبي بُرْدَةَ، وغَيْرُهُ، عن أَبِي بُرْدَةَ، ووَجْهُهُ ما ذكرناه، والله أعلم.

وقَد عَلَّل البُخَارِيُّ حَديثَ أَبي بُرْدَةَ بِاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ عَلَيه في إِسْنَادِه، ثم قال: الحَدِيثُ في الشَّفَاعَة أَصَحُّ (١).

قال أحمد (٢): ويُحْتَمل أن يكونَ حَدِيثُ الفِدَاء في قَوْمٍ قَد صَارَت ذُنُوبُهم مُكَفَّرَةٌ في حَيَاتِهم، وحَدِيثُ الشَّفَاعَة في قَومٍ لَم تَصِر ذُنُوبُهُم مُكَفَّرة في حَيَاتِهم، ويُحْتَمل أن يَكُونَ هَذَا القَول لَهُم في حَدِيثِ الفِدَاء بَعْد الشَّفَاعَة، فلا يكون بينهما اختلافٌ، والله أعلم.

(٦٥٤) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيمُ بنُ أبي طَالِب، حدثنا محمد بن مَعْمَرٍ، حدثنا رَوْحُ بنُ عُبَادَة، حدثنا سَعِيدٌ، عن قَتَادَة، قال: حدثنا أَنَسُ بنُ مَالِك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

«يُجَاءُ بِالكَافِر يَومَ القِيَامَة، فَيُقَالُ لَه: أَرَأَيْتَ لَو كَان لَكَ مِلءُ الأَرْضِ ذَهَبًا، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِه؟ فَيَقُول: نَعم، فَيُقَال لَه: قَد كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُو أَيْسَرُ مِن ذَلِك».

(٦٥٥) أَخْبَرنَا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أحمد بن جَعْفَر، حدثنا عبدُ اللهِ ابنُ أحمدَ بنِ حَنْبَل، حدثني أَبي (٣)، حدثنا رَوْحُ بنُ عُبَادَة، فذكره بإسناده.


(١) ينظر «التاريخ الكبير» للبخاري (١/ ٣٩)، و «التاريخ الأوسط» (١/ ٢٤٩)، ولفظه: «وَالْخَبَر عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الشَّفَاعَة وَأَن قوما يُعَذبُونَ ثمَّ يخرجُون، أَكثر وَأبين وأشهر».
(٢) في «ب» سقطت كلمة (أحمد)، وهو الإمام أبو بكر البيهقي مصنف الكتاب.
(٣) «مسند أحمد» (١٣٢٨٨).

<<  <   >  >>