الحمدُ للهِ العَلِي القَدِير الذي خلق السَّمَاواتِ والأرضَ وجعلَ الظلماتِ والنور، وأَنْذَر عِبَادَه بيومِ البَعْثِ والنُّشُور، يَوم يُنْصَب ميزانُ الحَقِّ فلا تُظْلَم نَفْسٌ من قِطْمِير، ذلك يَومُ الجَمْعِ لا رَيْبَ فيه، فَريقٌ في الجنة وفريقٌ في السَّعِير، فَمَن زُحْزِحَ عن النَّارِ وأُدْخِلَ الجَنَّة فَقد فَاز، ومَا الحَيَاةُ الدُّنيا إلا مَتَاع الغُرور، وأشهد أن لا إله إلا الله العَلِيِّ الكَبير لَيْس كَمِثْلِه شَيءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِير، شَهَادة مَن أَقَرَّ بالعَجْز والتَّفْرِيط والتَّقْصِير، والصَّلاة والسَّلام على البَشِير النَّذِير نَبِيِّنا مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الذي أَرْسَله الله للعالمين بالهدى والخَير الوَفِير، فَأَدَّى الأَمَانَةَ وبَلَّغَ رِسَالَة رَبِّه، أداءً وبلاغًا لا نَقْصَ فيه ولا تَغْيِير، وعلى أبويه الكَرِيْمَيْن إبراهيمَ وإسماعيلَ - عليهما السلام -، وعلى سائر الأنبياء والمرسلَين بالْهُدى والنُّور، وعَلَى أصحابه الرِّجَالِ المُطَهَّرِين الذين قَامُوا بَعْدَ نَبِيِّهم بِدَعْوَتِه، فَأَخْضَلُوا في سَبِيل ذَلِك النُّحُور، صَلاةً وسلامًا دَائمينِ مُبَارَكَيْن مَا تَعَاقَب المَلَوَانِ إلى يَومِ البَعْثِ والنُّشُور.
أَمَّا بعدُ،
فإن الله - عز وجل - خلق آدم، وأنزله إلى الأرض، وأخبره أنه سيرسل لذريته الهدى، الذي إِن اتُّبِعَ؛ فلا خوفٌ عَلى مُتَّبِعهِ ولا حزن، ومن خالفه؛ فهو الشَّقِي الحَزين المَغْبُون، فأرسل الله الرسل وأنزل الشرائع، وجعل